اضطراب الإدمان هو اضطراب طبي عقلي معقد يؤثر على الدماغ ويغير السلوك ويؤثر على الصحة الجسدية والنفسية والاجتماعية والثقافية والروحية ونوعية الحياة للأفراد، ويُعد الإدمان مرضًا مزمنًا يتطلب تدخلات متعددة الأوجه لتحقيق التعافي المستدام. تتنوع منهجيات الدعم المقدمة للأشخاص الذين يعانون من اضطراب الإدمان فتشمل التدخلات الطبية والنفسية والاجتماعية.
نستعرض في هذا المقال أهم المنهجيات المُستخدَمة في دعم الأشخاص ذوي اضطراب الإدمان مع التركيز على فعالية كل منها ودورها في عملية التعافي والمعايير التي ينبغي توافرها في أشكال المعالجة لكي تكون فعالة، مضاعفات عدم علاج الإدمان، الوقاية من الانتكاس بعد علاج الإدمان:
ما هي المعايير التي ينبغي توافرها في أشكال المعالجة لكي تكون فعالة؟
هناك عدة طرق للعلاج الطبي، ومنها:
تُعد إزالة السموم الخطوة الأولى في علاج الإدمان حيث يتم التخلص من المواد المخدرة من الجسم تحت إشراف طبي، وهذه العملية قد تكون مصحوبة بأعراض انسحابية خطيرة مما يجعل الإشراف الطبي ضروريًا لتوفير الأدوية التي تخفف من هذه الأعراض وتضمن سلامة المريض.
تُستخدم بعض الأدوية للحد من الرغبة الشديدة في تعاطي المواد المخدرة أو لتخفيف أعراض الانسحاب، فعلى سبيل المثال يُستخدم الميثادون أو البوبرينورفين في علاج إدمان المواد الأفيونية بينما يُستخدم النالتريكسون للحد من الرغبة في تعاطي الكحول.
في بعض الحالات يتم وصف أدوية طويلة الأمد للمساعدة في الحفاظ على التعافي ومنع الانتكاس، حيث تعمل هذه الأدوية على تعديل كيمياء الدماغ لتقليل الرغبة في تعاطي المواد المخدرة.
يتمثل العلاج النفسي في عدة أشكال، ومنها:
يُعد العلاج السلوكي المعرفي أحد أكثر الأساليب فعالية في علاج الإدمان حيث يركز على تحديد الأفكار والسلوكيات السلبية التي تؤدي إلى تعاطي المواد المخدرة واستبدالها بأفكار وسلوكيات إيجابية، هذا بالإضافة إلى مساعدته على تطوير مهارات التأقلم وإدارة الضغوط النفسية.
من خلال العلاج السلوكي يتمكن المعالج من:
المساعدة على إيجاد طرق لمقاومة الرغبة الشديدة تجاه تعاطي المخدرات أو تجاه السلوك الادماني واقتراح استراتيجيات فعالة لتجنب الفعل الادماني ومنع الانتكاس و تقديم اقتراحات حول كيفية التعامل مع الانتكاس في حالة حدوثه
العلاج التحفيزي هو أسلوب علاجي يركز على تعزيز الدافع الداخلي لدى المريض للتغيير، ويعتمد هذا النهج على التعاطف واحترام استقلالية المريض حيث يساعده على اكتشاف أسباب رغبته في التغيير ووضع أهداف واقعية للتعافي.
يوفر العلاج الجماعي بيئة داعمة حيث يمكن للأفراد مشاركة تجاربهم ودعم بعضهم البعض مع الأشخاص يعانون من نفس نوع الادمان ، وتُعد مجموعات الدعم مثل "الزمالة العالمية للمدمنين المجهولين" (Narcotics Anonymous) و"زمالة الكحوليين المجهولين" (Alcoholics Anonymous) من أكثر الأساليب شيوعًا وفعالية في دعم التعافي.
يتمثل الدعم الاجتماعي في الآتي:
تهدف إعادة التأهيل الاجتماعي إلى مساعدة الأفراد على إعادة دمجهم (reintegrating) في المجتمع بعد التعافي، ويشمل ذلك تقديم الدعم في مجالات مثل التعليم والتوظيف والإسكان وتُعد هذه الخطوة حاسمة لمنع الانتكاس وضمان استمرارية التعافي.
للعائلة دور كبير في عملية التعافي ويمكن أن يكون دعم الأسرة مصدرًا قويًا للتحفيز والمساندة، كما أن هناك برامج علاجية تركز على تعليم أفراد الأسرة كيفية التعامل مع الشخص المدمن وتقديم الدعم العاطفي والعملي.
يُعد تشجيع الأفراد على بناء شبكات اجتماعية إيجابية خالية من المواد المخدرة عاملًا مهمًا في الحفاظ على التعافي، ويمكن أن تشمل هذه الشبكات الأصدقاء أو زملاء العمل أو مجموعات الدعم المجتمعية.
هناك بعض المنهجيات التكميلية بجانب العلاج الطبي والنفسي، ومنها:
تساعد اليقظة الذهنية والتأمل الأفراد على إدارة التوتر والقلق فهما من العوامل الشائعة التي تؤدي إلى الانتكاس، وتُعلم هذه الممارسات الأفراد كيفية التركيز على اللحظة الحالية وتقبل مشاعرهم دون حكم.
مما لا شك فيه أن ممارسة النشاط البدني بانتظام تُحسن الصحة الجسدية والنفسية وذلك لأن التمارين الرياضية تساعد على إفراز الإندورفين، والذي بدوره يعزز الشعور بالراحة ويقلل من الرغبة في تعاطي المواد المخدرة.
يمكن أن تكون الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالإدمان عائقًا كبيرًا أمام طلب العلاج، ولذلك هناك حاجة كبيرة إلى زيادة الوعي وتغيير النظرة المجتمعية تجاه الإدمان كمرض وليس كضعف أخلاقي.
يجب أن تكون خدمات العلاج متاحة ومتوفرة لجميع الأفراد بغض النظر عن وضعهم الاقتصادي أو الاجتماعي، ويتطلب ذلك استثمارات في البنية التحتية للرعاية الصحية وتدريب الكوادر الطبية.
يجب أن يستمر البحث في تطوير أساليب علاجية جديدة وفعالة لاضطراب الإدمان، ويشمل ذلك دراسة تأثيرات الأدوية الجديدة وتحسين الأساليب النفسية وفهم العوامل البيولوجية والاجتماعية التي تساهم في الإدمان.
مضاعفات عدم علاج الإدمان:
يمكن أن يؤدي الإدمان الذي يُترك دون علاج إلى مضاعفات خطيرة وطويلة المدى على الصحة، ويمكن أن تكون هذه المضاعفات مهددة للحياة، وتشمل أهم مضاعفات الإدمان الذي لم يعالج على الصحة ما يلي:
أمراض القلب.
الأمراض العصبية.
الأمراض النفسية مثل القلق، والتوتر، والاكتئاب.
كما يمكن أن يسبب الإدمان عواقب ومضاعفات اجتماعية واقتصادية، مثل: السجن، أو الإفلاس، والديون.
كيف يمكن الوقاية من الانتكاس بعد علاج الإدمان؟
يوجد مجموعة من النصائح التي قد تساهم في الوقاية من خطر تعرض المريض للانتكاس، منها:
اضطراب الإدمان هو تحدٍ معقد يتطلب نهجًا متعدد الأوجه للعلاج والدعم، ومن خلال الجمع بين العلاج الطبي والنفسي والاجتماعي يمكن للأفراد تحقيق التعافي المستدام والعودة إلى حياة منتجة.
يجب أن تكون الجهود المستقبلية موجهة نحو تحسين الوصول إلى العلاج وتقليل الوصمة الاجتماعية ودعم الأبحاث التي تساهم في تطوير أساليب علاجية أكثر فعالية.