تميز الأردن بتقديم مداخلات وقائية وعلاجية لفيروس نقص المناعة البشري (HIV) خلال الفترة 2004-2012، بفضل منح الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز. إلا أن توقف هذه المنح بسبب خروج الأردن من أهلية التقدم لها، أدى إلى فجوة كبيرة، خاصة في خدمات الوقاية والوصول إلى الفئات الأكثر عرضة للإصابة. كما توقفت أنشطة التوعية والتثقيف التي كان يقودها المجتمع المدني، مما جعل الحاجة ملحّة لوجود منظمة مجتمع مدني تتولى هذا الدور وتقود الاستجابة الوطنية لمكافحة الفيروس. ومن هنا، ولدت الفكرة… وُلدت سواعد، وبدأ الحلم والمشروع.
في البداية، كنا نظن أننا نملك كل الخبرات، وندرك كل الاحتياجات، وأننا قادرون بسهولة على تحقيق أهدافنا. لكن عندما نزلنا إلى الميدان، اكتشفنا واقعًا مختلفًا تمامًا. واجهنا معاناة لم نكن نتخيلها، وصعوبات لم تكن في حسباننا، وتحديات لم تخطر ببالنا. أدركنا أن الأمر لا يقتصر فقط على الوصول إلى الأشخاص المتأثرين بالفيروس، ورفع وعيهم، وتقديم المشورة لهم، وإجراء الفحوصات، بل كان لابد من إشراكهم في رسم خارطة الطريق. هم الأدرى باحتياجاتهم، فاستمعنا إليهم، وتعلمنا منهم، وصممنا البرامج معًا. لم يكن الأمر مجرد تقديم خدمات، بل تحول إلى قيادة مجتمعية حقيقية، حيث لعبت الفئات المستهدفة دورًا محوريًا في توجيه عملنا وتطوير مداخلاتنا.
مع مرور الوقت، بدأنا نرى الروابط العميقة بين HIV واستخدام المخدرات، وبين العنف القائم على النوع الاجتماعي والصحة الإنجابية والجنسية. لم نعد مجرد منظمة تقدم خدمات الـ HIV والصحة الإنجابية والوقاية من المخدرات، بل أصبح دورنا يمتد إلى العمل على البيئة المحيطة، لنجعلها أكثر دعمًا وتمكينًا.
ما بدأ كحلم متواضع، تحول اليوم إلى مسؤولية وطنية وأخلاقية. لم يعد التزامنا مقتصرًا على تقديم الخدمات، بل أصبح يشمل بناء القدرات، وتعزيز الشراكات مع مختلف القطاعات، محليًا وإقليميًا ودوليًا، لضمان استجابة متكاملة ومستدامة. نعمل كل يوم لسد فجوة جديدة، ونضع نصب أعيننا شعارًا واحدًا:
"نجحنا، لكن هناك المزيد لننجزه."